samedi 19 mars 2011

بلاك..!!


يتراود إلى ذهني خلال الأيام القليلة الماضية لقطة من الفيلم الهندي (بلاك)، و هو فيلم مقتبس عن حياة الأديبة الأمريكية المعجزة هيلين كيلر.

في اللقطة تظهر فتاة تضع يدها على فم مغنية و تترجم ما تفهمه من حركة شفاهها إلى رموز بيدها تعبر عن كلمات الأغنية بحماسة بالغة، هنا يبدي أحدهم إعجابه بقدراتها و يصرح به لمُعلمها واصفاً الموقف بكلمةمستحيل، ينظر الرجل إليه بتمعن
و ينطق كلماته واضحةٌ قويةٌ ، تنفذ معانيها إلى الروح
المستحيل كلمة لم أُعلمها لها
فعندما نزعم إن هذه الفتاة لا تعرف كلمة مستحيل، فهي حقيقة واقعة، و ليست من باب البلاغة في الإشارة إلى أحدهم

تتسارع تلك اللقطات إلى عقلي مراراً على مدار اليوم، و في كل مرة تظهر بشكلٍ أوضح عن سابقتها، لتُجلي حقيقة جهل شبابنا بهذه الكلمة أيضاً.

لقد أثبت نظام التعليم المصري عدم فعاليته طوال السنوات الماضية، فعودنا على حشر المعلومات، و ما أن تمر فترة الإمتحانات حتى تُجلى المعلومات من أدمغتنا، فننسى بعض  الكلمات، حاولنا مراراً تَعلُمها، و ظننا إننا حفظناها، و ما أن نُوضع في موضع إختبار حتى ننساها و نتلعثم، فنختار كلمات أخرى كبديل في بعض الأحيان، أيضاً  فشلَ حين أسقط بعض المرادفات من مناهجنا، التي تفرضها علينا الطبيعة المحدودة للبشر.

نعم، فشل التعليم المصري حين إختار الحشو منهجاً، فحفظنا كلمة السلبية دون وجود أدنى صدى لها في آذاننا، و ما أن وضِعنا في موضع إختبار حتى نسيناها، و البعض تلعثم، فإختار كلمة الإيجابية عوضاً عنها، حتى يداري فشله في الإستذكار، نعم فشل التعليم المصري حين نسى، بجهلٍ أو بتقصيرٍ، أن يعلمنا كلمات مثلالمستحيل، فكبرنا دون أن نعرفها، و لم تستطع أدمغتنا ذات التعليم الفاسد و الكلمات المنقوصة إستيعابها.

شاهدنا خلال الأيام السابقة، مئات الآلاف، بل ملايين هيلين كيلر، صمٌ و بكمٌ و عميانٌ عن الحدود التي رسمها الإنسان لنفسه، رأينا صوت الحرية ينساب إلى أذن الأصم، شاهدنا الهتاف يخرج من فمِ الأبكم، و سمعنا النظرة المتطلعة في عين الأعمى.

في الفترة القليلة الماضية طالعنا المستحيل، و التنحي الوحيد الذي رأيته هو تنحي هذه الكلمة عن منصبها، مُسقطة معها كلمة السلبية لتبدلها في عقولنا بكلمة الإيجابية... و هذا هو ما رأيته 


1 commentaire: