lundi 28 novembre 2011

رمز سلاح التلميذ..!!

لاحظنا في الآونة الأخيرة تنوع الرموز الإنتخابية نسبة لزيادة عدد المرشحين، ومن ثَم ظهور رموز ساذجة تثير الحيرة واللغط لدى الأميّ؛ "كرة السلة" "شبكة كرة السلة"، فبحثت مطولاً عن رمز "اللوحة التي تثبت عليها شبكة كرة السلة" و"العامود الذي تثبت عليه اللوحة التي تثبت عليها شبكة كرة السلة"، إلا إني لم أجد، وأرجع ذلك لعدم الزيادة الكافية في عدد المرشحين تقتضي هذا التنوع في الرموز.

من الرموز التي شدت انتباهي رمز "الكمبيوتر المحمول"، على أساس أن الأميّ على قدر كافي من الثقافة تسمح له بتمييز الــLap Top، ومن ثَم إختياره.


ناهيك عن الجهل، إلا أن الأمية أزمة متأصلة تهدد تقدم الوطن على مجالاتٍ عدة، فالنظام البائد –والحق يقال- لم يدع فرصة لسماع صوت التهديد على مثال "إحنا ما بنتهددش!" فخرج لنا بالإمتثال للتهديد قبل أن يعلو صوته على مثال "أنا أعمل الحاجة بمزاجي.. آه!"


بغض النظر عن أن الحكومة الحالية حكومة إفتعال أزمات، إلا أن السابقة كانت حكومة التعامل مع الأزمات، أي بعد وقوعها –إحقاقاً للحق، بعد استفحالها- مثلاً إن كشرت الأمية عن أنيابها، فلا نحلها بل نتعامل معها، على مثال برنامج (نحو الأمية) وشعارات (العلم نورن).


بدلآً من تعليم الأميّ الحساب، نوجهه إلى قياس الشبر والويَم، بدلاً من إرضاعه جمال اللغة العربية، نسخر منها في الأفلام العربية أيضاً، بدلاً من أن نهبه القدرة على فك طلاسم الكلمات، نضع صورة بجانب المرشح!


يوم ترى اسم المرشح بدون رمز يخدم الأميّ

فاعلم أن مصر بخير

وإن لم ترَ.. ثُر

معلش..!!

استيقظت اليوم مبكراً أملاً في الاتنهاء من الإبداء بالرأي قبل الدخول في ذروة الزحام، شأني شأن الجميع، واعتقدت إني سأنتهي مثلما انتهيت وقت الاستفتاء، قد استغرقني فقط المسافة بين بيتي واللجنة.

فتحت موقع التواصل الإجتماعي Facebook لأطّلع على ما كتبه الناس، إلا إني وجدت صور تنشرها صفحة (كلنا خالد سعيد) يظهر فيها طابور الحرية -بحسب توصيفهم- فأرى طابور التأخير، أقوم وأغير ملابسي على عجل وأنطلق صوب لجنتي.

اقتربت فوجدت أن الطابور يقترب من مدخل لجنة أخرى في شارع مختلف، استعنت على الشقاء بالله ووقفت في ذيل الطابور انتظر.

يمر علينا من وقتٍ لآخر مؤيدون لمرشَح بعينه –أو مدفوع لهم من مرشَح بعينه- ليعرضوا علينا ملصقات وأوراق تحمل اسم المرشح وباقي تفاصيله من رقم ورمز، وكأنني قررت الوقوف في الطابور منتظراً من يمِن عليّ ببرنامجه الإنتخابي وساعتها –ساعتها فقط- أختار مرشحي وأنا على بعد أمتار من اللجنة.

معلش


لا تعدو الثواني دقائق حتى يمر علينا مرشَح منادياً على الطابور كله: "قايمة (... و...) رمز (...)، ورقم (..) و(..) من الفئات." وكأنه يذكرنا بقرار كنّا قد اتخذناه سلفاً.

معلش


ادخل فأجد طابوراً أطول، لم يلبث أن يستقيم حتى هاج الواقفون وتسارعوا صوب مدخل اللجنة، أتراها مشادة؟ أتراهم يدهسون الناس بمدرعة داخل المدرسة؟ أم يلقون الغازات؟

ذهبت بغير مبالاة لأجدهم غيروا نظام الدخول وقسموا الطابور إلى طوابير تحمل رقم اللجنة.. لا مانع، إلا إننا ما أن اصطفينا حتى طلبوا منّا الرجوع لموقعنا الأول لأنهم لم ستطعوا التعامل مع الشكل الجديد للنظام؛ اعترضنا فخرج لنا فرد من الجيش ليعلن تبريره معلش، وكعادة العسكر لا يظهروا إلا ليتأسفوا أو ليدهسوا!

ظللنا على موقفنا لأن التبرير العسكري-مدني يختلف عن التبرير المدني-مدني فبالرغم من أن الأخير مقصود النية يحتمل النقاش إلا أنه عكس سالفه، بغير صدى. أارجع لموقعي وأطلب من الواقف إحلال محله مصحوب بــ"معلش"؟!


كوننا طابور ثان، لكن الـــ(معلش) لا تتوقف

ذاك مريض، يصحبه سليم

معلش

ذاك يؤلمه خدش في قدمه

معلش

ذاك شعره يؤلمه

معلش

ذاك يشعر بالملل

معلش

ذاك يشعر بالحر

معلش


نرى كل هؤلاء "المعلشيين" يمرون أمامنا، ثم يعترضوا إذا تخطاهم شخص مرجعين تصرفه إلى رجعية البلد وعدم إمكانية تغير الشعب، أسمعهم فأرفع رأسي وأرى خليط من الاشمئزاز يعلو وجههم مع قطرة من البجاحة.

معلش


jeudi 24 novembre 2011

التلخيص المتين في ذكر الأحداث والميادين..!!

تتحرك يد (كريم المغازي) على الماوس الأسود، فتصطبغ يده بالضوء الأزرق الخارج من الشاشة، تتناقل أعينه من خلف زجاج النظارة المستطيلة لتتابع الأخبار بين صورة لشخص محاط بالغاز، وصورة لشخص يمسك بيده قنبلة غاز فارغة بجانب وجهه المغطى بلون أبيض.

ينشر يكتب، يعلق، يكرر التصرف أكثر من مرة وفي النهاية يغلق الجهاز وينقشع الضوء الأزرق عن وجهه، فيقوم، يتجه نحو سريره.. وينام.

* * *


يجري (علاء الخميسي)، يلتفت وراءه، ثم يجري حيث يجره ثقل جسده وليست أقدامه، يجري بينما يستريح جسده في مكانٍ أخر، وفي النهاية يلقي بجسده على السور الأخضر حداء ناصية شارع (محمد محمود)، ويحاول أن يلتقط ما يسبق اخوانه في التقاطه من هواء، يتحامل على السور ويتجه للمستشفى الميداني، يستلقس ويغمض عيناه فيحجب نور الصباح عن مقلتيه.. وينام.

* * *


تتلمس (نهلة عبد العال) نهايات طرحتها الزرقاء، تتحس العقدة في نهاية زاويتها، تتلفت حولها، تجذع لولجود أبخرة حتى تتبين أنها تخرج من غليان الصلصة بالقرب من عربة الكشري التي تسبق عربة البطاطا، تلحظ ذاك الشاب الذي يهتف بعصبية ويحمله هاتفون، تقترب، تسمع، تضحك، تغضب، وفي النهاية تتمتم بهمسات لا تغدو أن تتحول لهتاف مع الصيحة القادمة، إلا إنها تتوقف لدى سماعها صوتٍ آتٍ من مقدمة شارع (محمد محمود) يمتزج بصوت القرع على الصاج الذي يزيد الأمر حدة، فتدير ظهرها وتبدأ في ركض يعززه هروب من حولها إلى أن تسمع صياح نفس الشاب "ثابت.. ثابت"، تتوقف، تلتفت بحذر فترى الميدان وكأن شيئاً لم يحدث، جرى من جرى، لكن مسيرة الشاب وعدد من المحيطين بهم لا يزالوا على موقفهم من الثبات، تشعر بالارتياح إلا أن قلبها لم يشعر بالمثل، وضرباته تزداد سرعة، أتراها نسيت الدواء في الحقيبة الأخرى؟

تنزل على الأرض بجانب الرصيف، تستند بظهرها على سور الصينية، تعتصر قلبها بألم، تغمض عيناها.. وتنام.

* * *

يتقدم (مينا مجدي) من خط التفتيش، يفرد ذراعيه على جانبيه، ممسكاً ببطاقة الرقم القومي، يعتذر له من يفتشه فيرد (مينا) بابتسامة متفهمة، ينحني تحت الخط البرتقالي ويمر، يبدأ بتجهيز حاجياته، خوذة الرأس بحكم عمله في المصانع كمهندس، القناع الواقِ تحسباً للظروف، يحاول الاقتراب من أماكن الهتافات إلا إنه ينقاد إلى الصينية بسبب الزحام، يصعد، ينظر صوب جامع (عمر مكرم) على يمينه، إلا إنه يجَر بيد شخص يلبس بالطو أبيض عن يساره مردداً "محتاجين مساعدة".

ينقاد (مينا) بذهول من فرط الغرابة، إلا إنه يتخذ موقف عداء ما لبث أن تراجع عنه –أو أرجأه- لفهمه للموقف. رأى شباب يحاولون نصب أخشاب لتحويط مستشفى ميداني، ساهم معهم وهو مستاء أولاً، ثم بغير مبالاة، وأخيراً بتحفز لإكمال البناء المكون من الخشب والبلاستيك.

يأتي أول مريض أثناء تثبيت البلاستيك، يتجه صوب (مينا)، يتعثر في اللا شيء ويقع على مقربة منه، فيشير إليه أحد الأطباء بعمل الاسعافات الأولية، بينما يتجه على عجل لإستقبال باقى المرضى.

يرتبك..

أيترك المريض وهو الإنسان، أم يسعفه وهو المهندس؟

يتخبط بين ما يتذكره في الكشافة وبين ما يراه في حلقات المسلسلات الأجنبية، حتى يأتي طبيب وينهره على قلة حيلته، فيغضب (مينا) ويعلن أناماليته بينما الطبيب يطبب المريض.

يخرج (مينا) بغضب باحثاً عن عن مكان آخر للتظاهر، فيسمع من ينادي عليه طلباً في المساعدة، يلتفت فيرى شخص ملقى بجانب المستشفى يلهث طلباً في الهواء، يتلفت (مينا) حوله وينادي بعصبية علَ شخص يسمعه ويساعده إلا أن أحداً لم يأتِ. يقترب منه، يخلع الخوذة، ويبدأ بتقليد الطبيب وهو يسعف المريض السابق، يخبط على ظهر الرجل وإن لم يظهر تحسن سريع يدس في فمه بخاخة ويضغط، يبتعد قليلاً وينتظر، فيبدأ الرجل يالاستفاقة، ينصحة (مينا) بالابتعاد عن مجال الغاز خصوصاً بعد استخدام البخاخة، يأخذ الرجل القناع بدون استئذان (مينا) وبدون إعتراض الأخير.

يسمع صوت خبطات على ظهر مريضٍ آخر دون جدوى، فيدخل المستشفى تاركاً خوذته بالخارج، يأخذ البخاخة ليدسها في فم المريض وينثر الرزاز الخارج منها نحو رئتيه، يتركه ويجول فيقترب منه مريض بجرح في يده، يحاول أن يطببه له بالمطهرات المعتادة، وفي أثناء ذلك يقترب شخص ليرش سائل مطهر في عينيه وسائل أبيض –عرف فيما بعد إنه مكون من الماء والخميرة- على الوجه، وما أن تركه ليستريح حتى اقترب منه شخص مصاب في قدمه اليسرى يحمل صديقه فاقد الوعي، يطلب (مينا) منهم الجلوس بتوتر، يحاول أن يستجدي أحد الأطباء المشغولين لكن بلا جدوى، يقرر ألا يتركه وهو الإنسان، يقترب من المغشى عليه فيلطمه، يكرر بعنف أكثر ثم يطلب من صديقه أن يساعده على إنصابه في وضع الجالس، يجرب محاولات ساذجة من الضغط المتكرر على الصدر مع تكرار اللطم، يصحبه صراخ في الأذن، حتى استفاق أخيراً، اقترب منه طبيب واصطحبه على عجل دون الإشارة بكلمة لـ(مينا) ورحل.

نظر (مينا) للشخص المصاب في قدمه وبدأ في تطهيرها إلا أنه لاحظ عمق الجرح، واتجه صوب أحد الأطباء وصرخ بوجهه أن يساعده، إلا أن من ساعده كان آخرٌ يشاهد الموقف، فادخل الرجل المصاب إحدى الخيم وطلب من (مينا) تثبيت قدم الرجل سريعاً حتى يُخرج ما بها أولاً، احكم (مينا) قبضته على الرجل بدون تفكير، بينما يولج الطبيب ما لا يفهمه (مينا)، ليخرج ما لا يفهمه، ويصرخ الرجل من خلفه لسبب يفهمه.

يخرج (مينا) من الخيمة هو والطبيب، يشعر أن قدميه على تقوى على تحمله، ربما من فرط الأدرينالين، لا يعرف، ينظر صوب الخوذة فلا يجدها، يشيح ببصره في لا مبالاة، يجلس على الأرض الطينية، يفرد جسمه ويشعر بالرطوبة تنسل داخل جسده الهامد، فيغمض عينيه.. وينام.

* * *


يقترب (..... .....) من مكتبه، شاعراً بأهمية الكلمات التي تخرج من قلمه في اللحظة الراهنة، يشعر بالإمتنان لإئتمانه على كتابة الخطاب، يجلس ويتذكر تلك المكالمة حين وصل إلى مسمعه ذاك الصوت الرخيم، يطلب منه بكل الجدية والإحساس بالمسؤولية كتابة الخطاب المعلن عنه في وسائل الإعلان، يشخص ببصره ويتذكر كل كلمة خرجت من فم الصوت، يغلق باب غرفته، يفتحه مرة أخرى ويطلب من أبناءه إخفاض صوت التلفاز الذي يعرض لقطات ضرب وسحل العسكر للمتظاهرين، يغلق الباب وكأن شيئاً لم يكن، تجاهله أبناءه، فتجاهل التلفاز، أشعل سيجارة، وبدأ يفكر في النقاط الأساسية مع التأكيد على استخدام الكلمات المعبرة عن الاحساس العميق الكامن في نية الصوت " لم نطمح.. لم نسعى.. ضبط النفس.. إستعداد تام للتخلي.. استفتاء شعبي.. حفظ الله مصر وشعبها من كل سوء"، خط النقاط على مسودة وهَم لكتابة الخطاب، لكن تشتت إنتباهه أصوات الصراخ الآتية من التلفاز، إلا إنه يأخذ نفساً عميقاً يعيد به القوة لتركيزه، وكلما تكرر الموقف، كرر هو دفاعه، حتى أكمل الخطاب بقوة إصراره في النهاية.

خط آخر كلمة ووضع آخر نقطة في الخطاب ثم قرأه كاملاً لأول مرة، عدل فيه ما عدل ، وقرأه للمرة الأخيرة، تذوقه واستطعم حلاوته، فارسله بحماسة طفل انهى واجب معلمه المفضل، ثم اتجه إلى المطبخ واعد كوب دافيء من الشاي باللبن الذي يعشقه، جلس أمام التلفاز ليشاهد الصوت وهو يخرج ويقرأ الخطاب الذي خطته يده هو، فشعر بالفخر، وفي نهاية الخطاب رأى أنه يستحق قسطاً من الراحة، فدخل غرفته، استلقى على السرير، نظر نحو السقف وابتسم برضا متمنياً المزيد من الخطابات في المستقبل، وأغمض عينيه..ونام.

* * *