lundi 12 octobre 2015

ما بين الانتحار والموت حيًا..!!

كبرنا على بعض المسلّمات التي تطورت مع الوقت وُوزعت ما بين العيب والحرام لأسباب لم نعد نتكلم بها، بينما نجهل تجنبنا لدَرج بعض التصرفات في إحدى الصندوقين.
لماذا لا نعدّ إحباط الآخرين حرامًا أو حتى في مرتبة أقل، عيب؟ لماذا لا نعد من يقول لطفل أن هناك أمور أكبر منه جريمة؟ وبالعكس أصبح ضرب وصفع _وفي بعض الأحيان تعذيب- الأطفال نوعًا من التربية؟


أظن إننا لم نعطِ للأحداث تعريفًا، ولم نأخذ بعض التصرفات على محمل الجد، مثل العالم غير الآمن الذي ننشيئ فيه أطفالنا، أو ذاك الأمل الزائف بأن أولادنا سيحققوا حلمنا الذي لم نستطِع تحقيقه، تارة لأننا لم نجد له الوقت لإنشغالنا بإنشاء عائلة على قدر أعلى من الأمان المادي والإجتماعي، وتارة لأننا لم نضع حتى في عين الإعتبار -ولو للحظة- أن من الطبيعي أن يكون لأولادنا حلمهم الخاص، بل كيف نفكر أن أبنائنا سيحققوا أحلامنا أو-إذا كنا على قدر من الإحترام- أحلامهم إذا لم يرونا نحن نحقق أحلامنا؟ أم تراهم سينتظرون بدورهم أبنائهم ليحققوا أحلامهم التي امتدوها -رغمًا عنهم- منّا؟


تعودنا أن نرى بعض الأمور إنها حرامًا ولم ندرك لماذا. لماذا السرقة محرمة؟ ولماذا الغش محرم؟ ولماذا القتل محرم أو بالأحرى لماذا الإنتحار اعتبرناه حرامًا؟
أغلبنا استند لأسباب دينيه لتحريم تلك الامور، أما بالنسبة لأمورٍ أخرى فهناك من لم يجد السند الديني فاكتفى بالعيب وأكمل حياته.


في الأصل كل الأمور تصب في مدى قربي من إنسانيتي. هل ما أقوم به يجعلني ألمس إنسانيتي أكثر أم أنسلخ عنها؟ وهو المقياس.
الغش والسرقة تجعل إنسانيتي تستند لحقائق زائفة أواجه بها العالم فلا تزيد سوى قناع على قناع لا أستطيع معه لمس روحي، فالقناع يزداد سماكة مع الزمن. ومن ناحية أخرى فالقتل هو عدم الرجاء في تغيير الأشخاص من حولنا واختيارنا لوسيلة أسرع وأكثر جذرية من مساعدة الشخص للمس إنسانيته أو للمس الله بداخله، وفي النهاية اختذلنا الإنتحار في أن ليس من حقي إنهاء حياة ليست ملكًا لي أنما اعطاها الله لي لفترة مؤقته فيستردها في نهاية الأمر في وقت يحدده هو. روحي هي لي، إنما إشكالية الانتحار هي في فقد الرجاء في حضور الله في حياتي وهذه هي الخطيئة، أما الغش والسرقة هو فقد الرجاء أيضًا في لمسة الله لحياتنا وتغييرها للأفضل، وفقد الرجاء في أنفسنا وفي قدرتنا المشتركة مع باقي في تغيير العالم بل نسعى لحلول أسرع وقتًا وأكثر جذرية جوهرها هو فقدان الرجاء.. وهذه هي الخطيئة!




يعيش عدد كبير منا خاضع لدورة حياة، لا ينفك يخرج من مرحلة إلا ويتقدم طواعية إلى مرحلة أخرى دون التوقف للإجابة عن سؤال هل أريد هذا حقًا؟ هل أنا مستعد لهذا حقًا؟ ما الذي تخيلت عنه في سبيل دخولي لتلك المرحلة؟ وهل كان يستحق التخلي حقًا أم إني تخليت عن جانب من إنسانيتي لقاء ربح سريع جذري لن يزيد سوى سماكة قناعي؟!








يعيش أغلبنا منتحرًا..
 يعيش أغلبنا منتحرًا فاقد القدرة والرجاء بالتغيير، وبدلًا من حلٍ جذري اختار حل أقل ألمًا من الناحية اللحظية وإن كان مزمنًا عليه أن يتعامل معه على مراحل طيلة حياته.


بعضنا انتحر حيًا لما رآه من مخاوف لم يكن مستعدًا لها، والبعض الآخر انتحر حيًا لما لم يراه في نفسه من كنوز لآن آخرين أخبروه بنتيجة بحثهم هم في نفوسهم هم فغاصت أكثر نفائسه الثمينه في تربة روحه مثلما حدث لمن أخبروه عندما وثقوا في آخرين شربوا من نفس الماء، لتكتمل الدائرة وتصل إليك أنت.


نحن محاطون بمنتحرون أحياء، أناس قيل لهم إنهم بلا موهبة ولا كنز فغاصت كنوزهم في ثرى أرواحهم عندما سمحوا بيرييها من ماء من لم بجد كنزه على أرضه وأصبح من الصعب إيجاده، فيأسوا وبنفس مجارف الحفر بدأوا ببناء وظيفة وبيت وسيارة ومرتب جيد وأضافوا كثير من مصادر النور الفضفاضة على أرضهم، فوق كنوزهم فتجذب الانتباه وتعمي الأبصار عن أطلال مدينة الكنز القديمة.



اهدموا مساحات الأمان وأنشبوا في أرض نفوسكم لعلكم تجدون أثار مدينتكم، لعلكم تجدون نبع ماء في أرضكم يرويكم في مسيرة البحث عن الكنز تحت طبقات التراب ولكن إن عطشتم في مسيرة القيامة تلك، تذكروا أن كنزكم نبع لا ينضب، فهلموا إليه!

mardi 21 avril 2015

باقي من الزمن..!!

باقي من الزمن خمسة أيام على موعد عيد ميلادي، وأعيش لحظات من أكثر لحظات حياتي حماسًا ممتزجًا بتجربة أقصى ما هو جديد. رغم ذلك أقوم -كعادتي أنا المثقل بالأفكار- بتقييم حياتي وخبراتي وما تعلمته واضعًا في الإعتبار أنا ما أستطيع ان أذكره لا يستوعب ما تعلمته حقًا.


إني شخص أميل للكمال نقدًا وفكرًا وحُكمًا، بينما أميل للأريحة والإسترخاء والكسل والإهمال فعلًا؛ فأكون في النهاية شخص ساخط وغير راضٍ على نفسه، إلا إني لدي -رغم ذلك- ما أقوله وأضيفه.


في العام الماضي استرجعت "انجازات" السنة من خلال ما أتممته أو ما بدأته، إلا أن ما أُضيف لي هذا العام هو دروس ووجهات نظر لا "انجازات"، بل بالعكس لقد تخليت عن كثير مما أنجزته العام الماضي لأتسأل اليوم عن مدى عمق وجِذر ما بدأته.


انتبهوا..
انتبهوا فالمحتوى القادم قد يحتوى على آراء قد يراها البعض غير مناسبة لمن هم دون الثامنة عشر سنة بكل تطلعاتهم للحياة، وبالتأكيد لا تناسب من هم فوق الثامنة عشر ممن لا يستع كاهلهم لحمل عبء -ولو حتى معرفة عبء- شخص آخر. وجب التنويه.


تعلمت..
أن خبرة العمل تختلف تمام الإختلاف عن خبرة المدرسة، فبالمدرسة قد تُعامل باحترام إذا كنت طيب الخلق حتى وإن لم تكن درجاتك على المستوى المطلوب، وبالمثل قد تعامل بشيء من الدنو إن لم تكن ذو أكثر خلق مهذب حتى وإن كانت درجاتك أعلى من المرجو منك، وفي الغالب -طبعًا- يفضل تمتعك بالصفتين.


أما في العمل، فما يهم هو درجاتك بغض النظر إلى حدٍ كبير -ولا أقول مطلقًا- إلى تصرفاتك. فقد يحالفك الحظ بمديرٍ أو اثنين ممن احتفظوا بهِبة المدرسة معهم، إلا إن ذلك لا ينفي إدراكك لحقيقة الأمر.


في العمل قد لا يهم مدى عملك أو أرقامك في بعض الأحيان ما دام يوجد من هو أقدم منك، فيأتي الحرج ليرفعه شأنًا عنك، حتى وإن كان لا يستحى أن يطلب منك العون في تفاصيل العمل.


في بلدي تعلمت أن من الخطر فيها أن تقوم بعمل إجابي ذو تأثير ويتلاقي إلى مسامع عدد ليس بقليل من الناس؛ فأنت دائمًا محض شك، يظهر في بعض الأحيان في شكل طلبٍ يشوبه عدم الأمانة أو في تهديدٍ مبطنٍ تبتعد أنت خائفًا منه قبل أن يتحول لتهديدٍ بيّن.


تعلمت أن هنالك دائرة وقانون ضمني يحكم العالم سواء في بلدي بشكل سافرٍ فظ مثير للضحك والسخرية، أو في العالم بشكل أكثر تسترًا و-الأهم- أكثر تأثيرًا يصعب معه إدعاء الحرية أو محاربته.. وإن كنت أكثر حظًا من غيري على نحوٍ شخصي.


تعلمت ان صاحب بالَين يستوجب القتل بالرصاص فورًا قبل أن يعلن إمتلاكه لأربع. فعملك يمتص من حياتك أكثر من إستعدادك أن تعطي له، فيسحب منك روحك ليتركك خائر القوى كبالون خاوٍ من الهواء لا تقوى على النهوض لفعل شيء.. ولا حتى لمراقبة الله!


تعلمت أن الله يتجلى ويظهر نفسه في تفاصيل يصعب عليّ أنا الفاني ضيق الرؤية تقبلها حتى قبل أن أفهمها.
تعلمت أن لآدرك وجود الله عليّ أن أستبطيء إيقاع حياتي لألمحه ثم أجد الوقت الكافي لأسلم عليه، وأفتعل مصادفات لأتحدث معه ثم يصبح حوارنا عادة قبل أن أكتشف إني أحبه.. تبًا.. لقد وصلَت الحافلة لباب الشركة، سأصعد لأحضِّر أشيائي ثم -حتمًا- أكمل التفكير!


تعلمت أن من يدين شخص لا تمر حياته إلا ويفعل نفس الشيء، ليس كعقاب إلهي، إنما بطبيعة الشيء. لم يكن الفعل ليغيظني إن لم يلقَ صدى لنظيره في أعماقي ينتظر في خموله اللحظة المناسبة ليعلن عن نفسه. بذا في النهاية لا تلق بالًا لعيوب الآخرين وكُف عن اصدار الأحكام و-الأهم- سامحهم، واترك ما بداخلك خاملًا، فلا داعي لإيقاظه وتشجيعه بملاقاة أخيه خارجًا.


تعلمت أن ما لا يقتلك يقويك، لكن لماذا ننسى دائمًا فرصة الموت؟!


تعملت أن في بعض الأحيان هناك أقل من نصف فرصة ثانية تُمنح وهي كافية.


تعلمت أن مواجهتنا لمخاوفنا هو ما يدفعنا للأمام، لكن توجد في بعض الأحيان حكمة في مخاوفنا لإدراكنا المسبق بحدودنا البشرية؛ وفي تلك النقطة قد أكون مخطيء أكثر مني مصيب، فإيماني بالحياة عكس ما تعلمته هنا وهو ما يدفعني للتجربة.



تعلمت أن هنالك إيمان لا يستند -في بعض الأحيان- على حقائق أكثر أو تعادل الحقائق الكافية لإثبات نظرية علمية، إنما هو -دائمًا- إيمان يستحق المحاولة.