jeudi 12 avril 2012

حلوة يا بلدي (1) – طنطا..!!

*أنصح بتشغيل موسيقى أثناء قراءة المقطع الأول بالضغط هنا.*

*   *   *


دائماً ما يمثل لي معرفة الجديد
شغف
أقرب للعطش
ودائماً ما يراودني حلم إكتشاف المناطق المجهولة.
بدأت بالترحال في أحياء القاهرة الغير معلومة لي
حتى إني بدأت أفضل مناطق عن نظيرتها
مثلاً أنا أعشق جنوب القاهرة
وأفضله عن شمالها
إلا أن حلمي لم يتوقف عن التطلع
فراودني بالنزول في محطة قطار لا أعرفها أثناء مروري بها
لأختبر مغامرة
إلا إني وأدته
أو بمعنى أدق –وأقل قسوة- طلبت منه الإنتطار
وجعلت أتحدث عن شغفي مع من حولي
حتى نسيته
أو هكذا ظننت
حتى جأني صديقي (أحمد) يعرض عليّ أن نقوم بما هو مفيد وإيجابي
انتهزت الفرصة واقترحت عليه حلمي
خاصةً إني أعرف أن لكلامي ذاك عنده صدى
لكني لم أشدد على فكرة السفر
بل على فكرة إكتشاف المنطاق المحلية
وكان أول إقتراح منه طنطا
وأول رد مني هو موافق!!
*   *   *


توكلنا على الله ورتبنا أمورنا، اليوم والميعاد والمصاريف والأماكن والتوجهات، ما نحتاجه وما يزيد عن حاجتنا، ثم انطلقنا.


لم يأخذ الوقت أكثر من ساعة بالقطار القشاش، نزلنا وبدأنا تصوير محطة القطار التي كنت أراها تشبه معمار منطقة روكسي والكوربة، إلا إن (أحمد) نبهني إننا لم نأت لنلاحظ التشابهات وإنما لإيجاد الإختلافات "إحنا ما شقِّناش الوادي عشان تقول لي ده يشبه كذا وكذا، إحنا جايين عشان المختلف اللي ما يشبهش كذا وكذا!!"


أول ما بدأنا، جاءنا شرطي يستعرض علينا نفوذه ومنعنا من تصوير المحطة إلا إن ذلك لم يشفع له عندنا وأكملنا التصوير في الخفاء.


خرجنا من المحطة وتوجهنا لشارع (المديرية) ورأيت منطقة لها بواكي تشبه كثيراً بواكي شارع (كلوت بك) بميدان (رمسيس)، وأثناء التصوير فاجأنا رجل بسكاكين كبيرة يقف أمامي مبتسماً إستعداداً للتصوير ثم عدل عن رأيه " لا يا عم انا مش عاز شقاوة، لا تنزل عَ النت وتقولوا بلطجية!" إلا إننا أصرينا على تصويره لخفة ظله، والتقطنا صورة له مع الجمبري!!


المميز في الخلق هناك أن لهم نظام واحد في شرح الطرق، يجيب من لا يعرف أولاً، ثم يصحح له من يعرف، فيكرر من وراءه من لايعرف، وبذلك تستطيع أن تستخلص المعلومة على ثلاث مراحل!


أيضاً يميزهم إنهم إما مرتابون إما متقبلون، مثلاً قابْلنا صاحب مخزن لمعسل السلوم بحفاوة شديدة صدَّق معها إننا نلتقط الصور من أجل مشروعي دراسي، بحكم دراستنا في مجال السياحة، بينما اعتبرنا آخر جواسيس!




شرعنا نصور مسرح (طنطا) وما أن هممنا بالرحيل حتى فاجأنا شخصٌ بالسؤال عن هويتنا، ولم يقبل بالكذبة المعهودة دون إبراز تحقيق الشخصية.
- أنتم بتعملوا إيه هنا؟ أنتم مين أذَن لكم تصوروا؟ مش في ناس تستأذنوا منها؟!! أنتم مين وبتعملوا إيه؟
- إيه يا عم بُراحة.. إحنا يا عم بنصور آثر مهم، فيها إيه بقى؟
- لازم تستأذنوا الأول من اللي جوا، ثم أنتم مين؟!! أنتم شكلكم جواسيس!
ما أنتم اللي خربتم البلد.. هاتوا بطايقكم!
- خد يا عم أهه.
- ممممم.. بس برضه كان لازم يبقى فيه إحترام.
- أنتَ بقى مين يا حلاوة أنتَ؟!!
أدار الرجل لنا ظهره فتطاير معه جلبابه الرمادي المتسخ، حك خده الغير حليق ورفع رأسه ذو الزعبوط البني الممزق وقال وسط نبرات محشرجة مؤذية للسامع
- أنا بقى رئيس جَمهورية المنطشقة دي!!


أكملنا طريقنا نحو شارع (البورصة) حيث مبنى البورصة القديمة غير متأكدين من مكانها أو من وجودها حتى الآن أصلاً، فسألنا على بقايا المبنى أو –على الأقل- موقعه
- فين البورصة لو سمحت؟
- أنتَ دلوقتي في شارع البورصة.
- أشكرك، لكن فين البورصة نفسها
- ما أنتَ عندك شارع البورصة بحاله أهه
- أشكرك، لكن فين البورصة نفسها، المبنى يعني
- آه.. بص، أنتَ دلوقتي شارع البورصة
- أشكرك!!
*   *   *

اتجهنا بعدها نحو جامع (السيد البدوي) شِالله يا سيد يا بدوي!
كان جميلاً من الخارج، خصوصاً بعد ترميمه –أو هكذا زعمت حتى رأيت صورة له قبل ترميمه- أعجبت بقببه العالية ومآذنه المليئة بالزخارف الإسلامية التي دائماً ما تجد مكاناً لها في قلبي، والشرَّافات المزخرفة والأقواس الفارسية للمدخل التي تستند على عواميد رخامية رفيعة.





دخلنا فوجدنا مقام (سيدي مجاهد) عن يميننا، دخلته أنا و(أحمد) فشعرت بحاجة لرشم الصليب كعادة مني أثناء دخولي الأماكن الدينية، إلا إني اكتفيت بالضحك في سري!


دخلنا مقام (سيدي أحمد البدوي) فلاحظنا وجود لافته تمنع التصوير، فتجاهلناها بشكل كنّا فيه على إستعداد لتصويرها هي نفسها إن كانت جميلة!


كانت قبب الجامع من الداخل تمتاز بزخارف رائعة بمقرنصاتها ونوافذها المفرغة، كذا اضفى الخط العربي على الجمال جمال، كما يتوسط الجامع تنور بديع تحت سقف من الزخارف الهندسية المتلاحمة بينما تدور حماماتان في فلك الجامع –لتضفي طابع فوق الطابع وطعم فوق الطعم- بين ثنايا البواكي الموازية لحائط القبلة عامةً، وعامودية على حائط القبلة في المربع الذي يتوسط الجامع خاصةً، يربط بينهم جميعاً دعامات خشبية يتدلى في منتصفها مشكاوات قديمة بجانب مراوح وطوارد ناموس حديثة لم تقلل من جمال المكان.




يدخل النور للمكان من خلال زجاج معشق مزين بزخارف نباتية متداخلة، منه من اتخذ شكل نافذة مستطيلة، ومنه من اتخذ شكل النوافذ الثلاثية ويسمى (شِند) أو (قنديلية بسيطة) ليضيء المكان بوهج يمنّ عليه برهبة!
*   *   *

بعد أن خرجنا من الجامع نظرنا في جدول الرحلة، فإذ بالمحطة القادمة (سبيل محمد علي) بشارع (الجلاء)، فبدأنا بالسؤال عنه
-      لو سمحت سبيل محمد علي فين؟
-      مش عارف الصراحة، يا حسن!
-      أيون يا بهوات
-      سبيل محمد علي لو سمحت
-      السبيل حضرتك تمشي على طول كده تلاقيه، مش متأكد يمين ولّا شمال، روح هناك واسأل!
ينظر زميله له ثم يقول
-      سمير مين ده يا حسن؟!!
-      سبييييييل
فيتدخل شخصٌ بالحوار
-      هو سمير ده بيشتغل إيه؟!!
-      إحنا بنقول سبيل
-      أيوه يعني بيشتغل إيه سمير ده؟!!
تركناه ومشينا فسمعناه
-      ده بيشتغل إنه كل ما يعطش يشرب.. هأأأأأو!!


اتجهنا بعدها حيث جامعة (طنطا) بشارع (البحر)، وهو شارع رئيسي هناك، وفي الطريق إليه كان هواء البحر يشتد محملاً برائحته الطيبه وجَوه الرطب، فاستبشرنا خيراً وتوكلنا على الله وقررنا سؤال أحد المارة عن مكان البحر، إلا إن جاءنا هاتف يزعم أن البحر لا وجود له، وأنه لا يتعدى التسمية –أو على الأقل في عصرنا- فرجعنا عن قرارنا وبدأنا نفكر في شكل الإهانات التي سنتلقاها إذا صدُق الهاتف. إذا سألنا فتاة تظن إنها معاكسة، تخيلوا معي الآتي في نطاق القاهرة
-      لو سمحتِ يا آنسة، ده شارع بيروت؟!!
-      أيوه مضبوط ده شارع بيروت
-      طب لو سمحتِ من هنا لبيروت كام كيلو؟!!
عدلنا –بالطبع- عن الفكرة وقررنا سؤال شاب في مثل سننا تفادياً لفكرة المعاكسة، إلا إن إنتابنا الحذر من شكل الإهانة التي سنستسقطها على رؤسنا ورؤوس أهلنا، تخيلوا معي الآتي في نطاق نعرفه
-      لو سمحت يا كابتن، إحنا في منطقة إيه؟
-      إحنا في الزمالك اساحبي، أنتَ عايز فين؟
-      أمال منطقة الأهلي فين؟!!
-      الأهلي دي عن حتة اسمها المواسير لا مؤاخذة!!
رجعنا –بالطبع- عن رأينا وقررنا سؤال طفل بريء صغير لا يحمل الضغينة لأحد ولا يملك روح التهكم والسخرية
-      اروحي، هو ده شارع البحر؟!!
-      أيوه يا عمو، ده شارع البحر
-      فين بقى البحر؟!!
سكت الولد هنيهة ليهضم ما قلناه للتو ثم ابتسم وقال
-      بص، هو البحر كان ماشي.. همَ وقفوه وعملوا الشارع، هأأأأأأو!!
*   *   *

بعد أن اكتشفنا أنه لا هنالك بحر ولا يحزنون، قررنا التوجه نحو محطة القطار، واتخذنا في طريق عودتنا طريق مختلف عن ذاك الذي اتخذناه أثناء ذهابنا للجامعة. صادفتنا منطقة أكثر تحضراً يبدو عليها إنها تخص طبقة إجتماعية أعلى من سابقتها في الطريق الآخر، إلا إنها في النهاية هدتنا لمنطقة عشوائية بالقرب من الطريق الزراعي.


سألنا شخصٍ عن مكان المحطة إلا إنه دلنا على محطة المَيكروباصات، ربما لأنه لم يستشف قصدنا بمحطة القطارات لبُعد المسافة، إلا إننا سألنا غيره بصورة أوضح
-      لو سمحت محطة القطر منين؟!!
-      هي طوالي كده في شمال؛ والعربيات دي بتروح، تعالوا اركبوا!
-      شكراً أوي إحنا حابّين نتمشى
-      وتتمشوا ليه؟!! العربيات أهي –كاد أن يمسك ذراع (أحمد)- ما تمشيش يا عم اركب
-      شكراً مش عايزين!
-      بس تعالى بس.. هو أنتم مش معاكم فلوس؟!! طب خد طيب واركب!
-      شكراً إحنا معانا الحمد لله، بس إحنا حابين نمشي، هي كده على طول في شمال يعني؟!!
-      آه!
-      شكراً
-      طب أقول لكم على حاجة؟!!
-      أيوه!!
-      ماتركبوا!!!
*   *   *

وصلنا للمحطة وبحثنا عما نأكله، ثم ألقينا نظرة أخيرة على جامع (السيد البدوي) تحت أشعة شمس الأصيل.. وشدَينا الرحال.

*   *   *

5 commentaires:

  1. أهلا بزيارتكم لمدينة طنطا

    لكن احب اوضحلكم شوية غلطات الناس مقدروش يوضحهولكم

    سبيل محمد على ( اسمة سبيل على بك الكبير )

    ولبس محمد على ويوجد بشارع الجلاء قبل مدخل طنطا الجنوبى

    ويوجد ايضا السبيل الاحمدى بالجهة الجنوبية للمسجد

    كما يوجد متحف اثار طنطا ولكنة مغلق حاليا بشارع البحر


    اى توضيحات اخرى انا تحت امركم

    RépondreSupprimer
  2. بالنسبة لشارع البحر

    كان هناك فرع كبير للنيل يمر بوسط الشارع وتم ردمة

    للمزيد من التفاصيل تفضلو بزيارة مدونتى

    http://newtanta.blogspot.com/

    RépondreSupprimer