vendredi 24 juin 2011

الرغيف أبو شلن والتحرش الجنسي..!!

ذهبت لشراء الخبز من مخبز قريب من بيتي واصطحبت معي ابنه خالي الصغيرة التي لم تتعدى بعد الصف الثاني الإبتدائي، قفنا في طابور، رأينا الفران يرص الخبز على قفص، ولكن ما استرعى إنتباهي الكمية الكبيرة الموضوعة على القفص، ولما انتهى اخذ القفص واتجه به إلى مكانٍ ما، فاضطررنا لإنتظار ملء القفص الآخر لتبدأ عملية البيع، فإذ بسيارة نصف نقل محملة بعدد من أشولة الدقيق تقف أمام الفرن وتطلب من العملاء الواقفين في الطابور إفساح الطرق. ما طرأ على ذهني إنها سيارة نقل الدقيق، أتت لتعطي المخبز حصته، لكني وجدت عمالاً يخرجوا من خلفية السيارة ويدخلوا المخبز فارغو الأيدي، وخرجوا وهي محملة بعددٍ من الأشولة..وهكذا

تسأني ابنة خالي عما كان يفعله أولئك الرجال..ففكرت ماذا أقول لها، أنهم يسرقوننا؟ يسرقون حقي وحقِك؟ ستسألني، ولماذا لا تعترض؟ فبماذا أرد؟ خائف؟..لن أرد لأني أعتد على المنظر؟.. ماتحبيكيهاش؟..لم أعرف بما أرد، أأطلب منها الإعتياد على أن تسرق، وأساهم في بناء جيل يحتاج ثورة أخرى لأنه تربى على نفس مشاكلنا من القمع والخنوع، لمجرد أن السرقة غير مباشرة؟


كل ما سرق من أموال الدولة كان يتم بالطريقة الذكية، السرقة الغير مباشرة، مثل بيع الدقيق المدعم بسعر أعلى لمستهلكٍ ما، ليبيع هو خبز بسعرٍ ما، ويشتريه مستهلكٍ ما، لا يعرف أن يأكله مسروق. وماله كلٌ كسبان، صاحب المخبز الذي يبيع الخبز المدعم، صاحب المخبز الآخر الذي يشتري دقيق زهيد السعر بالمقارنة بسعر الدقيق العادي، مستهلك المخبز الآخر الذي يشترى ما يشتريه من معجنات بسعر مناسب، بينما أخسر أنا، وابنة خالي، وكل من كانوا معنا في هذا الطابور أو غيره.


هنا أسلط الضوء على بعض التساؤلات:

كم بلاغ تم في مصر ضد مخبز يبيع الدقيق المدعم؟

كم شخص قام بالإعتراض على سير عملية السرقة أمامه عيني عينك؟

كيف نطلب من الحكومة الحسم والحزم إذا كنّا نحن لا نسعى لمصلحتنا الشخصية؟

ما الذي يمنعنا من الإعتراض؟


ما يحدث يذكرني بقضايا التحرش الجنسي، بالرغم من حدوث تحرش يومي، بشتى أنواع الطرق( سباب، إحتكاك، لمس، مسك،...) إلا أن أول قضية أو بلاغ تم بهذا الشأن كان عام 2008 على يد نهى رشدي (27 عام)، أي أن قبل عام 2008 لم يتم عملية تحرش واحدة في مصر، إذاً مصر بلد الأمن والأمان، والسلم والسلام.. والهبل والاستهبال.


كم مصرية قامت بعمل محضر تحرش رسمي ضد شخص؟

كم مصرية اعترضت على شكلٍ ما من التحرش الجنسي، وكم مصرية لم تعترض؟

كم مصري رأى مرأى العين عملية تحرش جنسي ولم يتدخل؟

كم مصري قام بعمل بلاغ رسمي في القسم ضد عملية تحرش كانت قد تعرضت لها أخته أو أمه أو...؟


إذاً النتيجة أن ناتج بلاغتنا بخصوص انهاكات حقوقنا بشكل عام أقل من الحقيقي، إن لم يكن معدوم خلال بعض السنين، إذاً مشكلة عدم تقديم بلاغ ضد فعل التحرش الجنسي لا يتعدى أن يكون عرف عام في كل قضايانا، ألا نعترض، أن ندع الأمور لمجراها غير الطبيعي.


في مصر تم التخلي عن كرامتنا وإنسانياتنا بالتخلي عن حق الإعتراض أمام ظاهرة مثل التحرش الجنسي، ومن ثَم لم يتبق لنا سوى كوننا حيوانات لا يهمها غير الغرائز الأولى، مكان أمن، أكل، شرب، نوم، جنس،...ولكننا تخلينا أيضاً عن حقنا في الحياة كحيوانات، عندما تخلينا عن حقنا في الدفاع عن الأكل والشرب، والمطالبة بمرافق وخدمات تسمو لمستوى الإنسان، وبذلك نكون تخلينا أن كوننا حيوانات أيضاً.

لقد تخلينا عن آدميتنا وكرامتنا

فتبقى لنا كوننا حيوانات، فتخلينا عنه

فماذا تبقى لنا الآن؟


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire